وكلمات الله الطيبات المباركات
وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم
إن من كلام الله تعالى ما هو مبارك، ومنه ما هو طيب، ومنه ما هو طيب مبارك، فما هو الطيب؟ وما هو المبارك؟ وما هو الفرق بينهما؟ وإذا اجتمعا فماذا يحدث؟ وما هي الأمثلة على كل منهما؟
أولاً: الطيب
الطيب في اللغة هو الذي يسُر النفس، وفي الشرع هو ما أحله الله وشرعه لعباده، قال الله تعالى: ﴿أَحَلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتِ﴾ [البقرة: 168]، والطيبات تشمل كل ما فيه منفعة للعباد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلُّ ما أنبتت الأرضُ حلالٌ حتى يُعلم أنه حرامٌ بنصٍّ أو دلالةٍ» [سنن ابن ماجه: 3305].
ومن الطيبات ما هو طعام وشراب، كقول الله تعالى: ﴿وَفَاكِهَةٍ وَرَيْحَانٍ﴾ [الرحمن: 12]، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن في أكل التمر الرطب عشر خصالٍ، يذهبن الوعك، ويذهبن الوضح، ويذهبن البهق، ويذهبن الغم، ويذهبن الهم، ويذهبن الفقر، ويذهبن السحر، ويزدن في الذكاء، ويذهبن الحزن» [سنن أبي داود: 3881].
ومن الطيبات ما هو لباس ومسكن، كقول الله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يُرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [غافر: 39]، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيباً» [سنن ابن ماجه: 3583].
ثانياً: المبارك
المبارك في اللغة هو الذي فيه الخير الكثير، وفي الشرع هو ما أثنى الله عليه أو صلّى عليه أو سجد له ملائكته، قال الله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾ [الملك: 1]، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليّ فإنه من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا» [صحيح البخاري: 611].
ومن المباركات ما هو شخص، كقول الله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ [السجدة: 24]، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلّمه» [صحيح البخاري: 5027].
ومن المباركات ما هو وقت، كقول الله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾ [الدخان: 3]، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» [صحيح البخاري: 1805].
ومن المباركات ما هو مكان، كقول الله تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا﴾ [البقرة: 125]، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن المساجد بيوت الله في الأرض» [سنن النسائي: 707].
ثالثاً: الطيب المبارك
الطيب المبارك هو ما اجتمع فيه الطيب والمبارك، وهو أعلى مراتب الكلام، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ [إبراهيم: 42]، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى طيبٌ لا يقبل إلا طيبًا» [سنن ابن ماجه: 3583].
ومن الطيب المبارك ما هو طعام وشراب، كقول الله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مَبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ﴾ [ق: 9]، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أكل سبع تمرات عجوة في يوم لم يضره سمٌّ ولا سحر في ذلك اليوم» [صحيح البخاري: 5775].
ومن الطيب المبارك ما هو لباس ومسكن، كقول الله تعالى: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ [الأعراف: 26]، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «خيرُ بيوتكم التي يُذكر الله فيها» [سنن الترمذي: 3485].
ومن الطيب المبارك ما هو شخص، كقول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: 10]، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنَّ منْ أبرَّ الناسِ بوالديهِ، المتحسنونَ إليهم، وإنَّ منَّ أعقَّ الناسِ بوالديه، الملعنُ المبرُّ لهم» [سنن ابن ماجه: 3660].
رابعاً: فوائد الطيب المبارك
الطيب المبارك له فوائد كثيرة في الدنيا والآخرة، ومن أهم هذه الفوائد:
1. تحبيب العباد إلى الله تعالى.
2. حصول الثواب والأجر من الله تعالى.
3. دخول الجنة بإذن الله تعالى.
4. دفع الشرور والآفات عن العبيد.
5. زيادة الرزق والبركة في المال والصحة والذرية.
خامساً: آداب التعامل مع الطيب المبارك
للتعامل مع الطيب المبارك آداب يجب مراعاتها، ومن أهم هذه الآداب:
1. إجلاله وتقديره.
2. شكره والثناء عليه.
3. الدعاء به والاستعاذة به.
4. نشره وتعليمه للعباد.
5. العمل به والالتزام بتعاليمه.
سادساً: حكم التعامل مع الطيب المبارك
التعامل مع الطيب المبارك واجب شرعي، قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: 186]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة» [صحيح مسلم: 55].
سابعاً: الخاتمة
وكلمات الله الطيبات المباركات هي كنز ثمين يجب على كل عبد أن يسعى للحصول عليه والاستفادة منه في الدنيا والآخرة، وأن يتعامل معه بالآداب الشرعية التي أمر الله بها، حتى ينال بذلك رضوان الله تعالى وجنته.