خير تعمل شر تلقى، مقولة شائعة وردت في القرآن الكريم في سورة فصلت، وهي تعني أن الإنسان إذا فعل الخير فإنه سيجازى بالشر، والعكس صحيح.
تصحيح المفاهيم
هذه المقولة خاطئة شرعًا وعقلًا، فالقرآن الكريم والسنة النبوية يؤكدان أن الله تعالى يجازي المحسن بالإحسان، والمسيء بالإساءة.
خير تعمل خير تلقى
قال تعالى: “من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها” (الأنعام: 160)، وقال صلى الله عليه وسلم: “إن الله لا يظلم مثقال ذرة، وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرًا عظيمًا” (الترمذي).
والأمثلة على ذلك كثيرة في حياة الإنسان، فالمجتهد في عمله ينال الثناء والترقية، والمخلص في عبادته يتقرب إلى الله ويزيد في إيمانه.
وحتى في الدنيا، فإن فعل الخير يجلب الخير لصاحبه، فمساعدة المحتاجين تجعل الإنسان يشعر بالرضا والطمأنينة، وإصلاح ذات البين ينشر المحبة والوئام في المجتمع.
شر تعمل شر تلقى
قال تعالى: “ومن يكسب خطيئة فإنما يكسبها على نفسه” (النساء: 111)، وقال صلى الله عليه وسلم: “من حفر بئرًا لأخيه وقع فيها” (البخاري).
وكم من شخص أساء إلى غيره فجاءه العقاب من حيث لا يدري، فمن ظلم الناس ظلمه الناس، ومن خان الأمانة خانته أمانته.
وحتى في الدنيا، فإن فعل الشر يجلب الشر لصاحبه، فالمعتدي على الآخرين يُعرّض نفسه للانتقام، واللص الذي يسرق يتعرض للسجن أو العقاب.
أسباب شيوع المقولة
هناك عدة أسباب لشيوع هذه المقولة الخاطئة، منها:
التفسير الخاطئ للنصوص الدينية
بعض الناس يفسرون النصوص الدينية بطريقة خاطئة، فيظنون أن الله تعالى يجازي بالشر على الخير والعكس، وهذا تفسير باطل.
فالآية الكريمة “خير تعمل شر تلقى” وردت في سياق الحديث عن المشركين الذين يصدون عن سبيل الله، وليس عن عموم الناس.
وقال تعالى: “فإنهم إن يكفروا فإن الله غني عنهم ولا يرضى لعباده الكفر وإن يشكروا يرضه لهم” (الزمر: 7)، وهذا دليل على أن الله تعالى لا يجازي بالشر على الخير، بل بالعكس.
التجارب الشخصية
قد يكون بعض الناس قد مروا بتجارب شخصية جعلتهم يعتقدون بهذه المقولة، فيظنون أنهم فعلوا الخير وجاءهم الشر، أو فعلوا الشر وجاءهم الخير.
لكن هذه التجارب الشخصية لا تعمم على جميع الناس، فقد يكون هناك أسباب أخرى أدت إلى ما حدث، مثل نقص الإيمان أو سوء تقدير العواقب.
والله تعالى هو العادل الذي لا يظلم أحدًا، وهو الذي يجازي المحسن بالإحسان، والمسيء بالإساءة، سواء في الدنيا أو الآخرة.
التحذير من العقوبة
بعض الناس يستخدمون هذه المقولة كنوع من التحذير من العقوبة الإلهية، فيقولون “خير تعمل شر تلقى” حتى يخيفوا الناس من فعل الشر.
لكن هذا التحذير غير صحيح، لأن الله تعالى لا يجازي بالشر على الخير، بل بالعكس، هو الذي يحب المحسنين ويجازيهم على إحسانهم.
والتحذير الصحيح يجب أن يكون من العقوبة الإلهية على فعل الشر، لأن الله تعالى لا يظلم أحدًا، وهو الذي سيحاسب كل إنسان على عمله.
الخلاصة
مقوله “خير تعمل شر تلقى” خاطئه شرعًا وعقلاً، فالقرآن الكريم والسنة النبوية يؤكدان أن الله تعالى يجازي المحسن بالإحسان، والمسيء بالإساءه.
وقد ذكرنا أسباب شيوع هذه المقولة، وهي التفسير الخاطئ للنصوص الدينية، والتجارب الشخصية، والتحذير من العقوبة.
والخلاصه أن الله تعالى هو العادل الذي لا يظلم أحدًا، وهو الذي يجازي المحسن بالإحسان، والمسيء بالإساءة، سواء في الدنيا أو الآخرة.