بني فاتح ذهبي
يُعد بني فاتح ذهبي أحد أبرز المؤرخين والمحدثين في العصر المملوكي، وقد اشتهر بتسجيله للأحداث والتاريخ بشكل دقيق ومفصل، وترك خلفه مجموعة كبيرة من المؤلفات القيمة، ما جعله مرجعًا مهمًا وموثوقًا للمؤرخين والباحثين.
الميلاد والنشأة
ولد بني فاتح ذهبي سنة 673 هـ/1274 م في مدينة دمشق، ونشأ في بيئة علمية وثرية، حيث كان والده من كبار علماء عصره، وقد تلقى تعليمه على يد كبار العلماء والمحدثين في ذلك الوقت، وتتلمذ على يد ابن تيمية وابن كثير وابن رجب، وغيرهم.
وقد كان بني فاتح ذهبي طالباً مجتهدًا ومثابرًا، حيث حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، ودرس التفسير والحديث والفقه والتاريخ، وتخصص في علم الحديث والتاريخ، حتى أصبح من أشهر علماء عصره في هذين المجالين.
مصنفاته
لقد ألف بني فاتح ذهبي عددًا كبيرًا من الكتب والمصنفات القيمة، والتي تجاوزت الثلاثين مؤلفًا، من أشهرها:
- سير أعلام النبلاء
- تذكرة الحفاظ
- ميزان الاعتدال في نقد الرجال
- تاريخ الإسلام
- العبر في خبر من غبر
سير أعلام النبلاء
يُعد هذا الكتاب من أهم مصنفات بني فاتح ذهبي، وهو عبارة عن موسوعة ضخمة في تراجم الرجال والعلماء، حيث ذكر فيه ترجمات لأكثر من 20 ألف شخصية من الصحابة والتابعين والعلماء والفقهاء والمحدثين، من عصر النبوة حتى عصره، ورتبهم حسب الحروف الأبجدية.
وقد اشتهر هذا الكتاب بدقته وتفصيله وشموليته، ويُعد مرجعًا مهمًا في تراجم الرجال والعلماء، وقد اعتمد عليه العديد من المؤرخين والباحثين في دراساتهم وأبحاثهم.
تذكرة الحفاظ
وهو كتاب يتناول تراجم الحفاظ الذين رووا الحديث النبوي الشريف، وقد ذكر فيه ترجمات لأكثر من 1300 حافظًا، ورتبهم حسب الطبقات، وذكر فيه أخبارهم ومروياتهم ومنزلتهم في علم الحديث.
ويُعد هذا الكتاب من أهم المصادر في علم الحديث، وقد اعتمد عليه العديد من العلماء والمحدثين في دراساتهم وأسانيدهم، ويُعد مرجعًا مهمًا في توثيق رواة الحديث.
ميزان الاعتدال في نقد الرجال
وهو كتاب في علم الجرح والتعديل، يتناول فيه بني فاتح ذهبي أحوال رواة الحديث النبوي الشريف، ويذكر أقوال العلماء فيهم، ويناقشها وينقدها، ويُبين درجتهم في الرواية.
وقد اشتهر هذا الكتاب بدقته وموضوعيته، ويُعد مرجعًا مهمًا في علم الجرح والتعديل، وقد اعتمد عليه العديد من العلماء والمحدثين في دراساتهم وأبحاثهم.
تاريخ الإسلام
وهو كتاب تاريخي يغطي تاريخ الإسلام من عصر النبوة حتى عصر بني فاتح ذهبي، يتناول فيه الأحداث التاريخية والسياسية والاجتماعية والثقافية، ويذكر سيرة الخلفاء والملوك والأمراء والعلماء والفقهاء.
وقد اشتهر هذا الكتاب بدقته وتفصيله وشموليته، ويُعد مرجعًا مهمًا في تاريخ الإسلام، وقد اعتمد عليه العديد من المؤرخين والباحثين في دراساتهم وأبحاثهم.
العبر في خبر من غبر
وهو كتاب تاريخي وعظي، يتناول فيه بني فاتح ذهبي العبر والعظات من التاريخ، ويذكر قصص الأمم السابقة والملوك والعلماء والفقراء والظالمين، ويستخلص منها الدروس والعبر.
وقد اشتهر هذا الكتاب بأسلوبه الأدبي الجميل، وبما يحتويه من حكايات وعبر وعظات، ويُعد مرجعًا مهمًا في الأخلاق والقيم، وقد اعتمد عليه العديد من العلماء والدعاة في دروسهم وخُطَبهم.
مكانته العلمية
لقد حظي بني فاتح ذهبي بمكانة علمية مرموقة في عصره، فقد كان من كبار علماء الحديث والتاريخ، وقد وصفه العلماء بأنه “الإمام الحافظ، شيخ المؤرخين”، وقد أشادوا بدقته وأمانته وشمولية علمه.
وقد كان بني فاتح ذهبي مُدرسًا ومُحدثًا، وقد تتلمذ على يديه العديد من العلماء والطلاب، وقد انتفعوا بعلمه وفضله، ونقلوا عنه علومه ومعارفه.
وفاته
توفي بني فاتح ذهبي سنة 748 هـ/1348 م في مدينة دمشق، عن عمر يناهز 75 عامًا، وقد ترك خلفه إرثًا علميًا كبيرًا ومُجلدًا من المؤلفات القيمة، والتي لا تزال تُدرس وتُستفاد منها حتى يومنا هذا.