العُمْرِي
يُعد العُمْرِي عقد من العقود القديمة التي كانت منتشرة بين العرب في العصور السابقة، وهو عقد تم ذكره في الكثير من كتب الفقه باختلاف المذاهب الإسلامية، وقد كان لهذا العقد أهمية كبيرة في تلك العصور، وقد بدأ هذا العقد في الاندثار في العصور المتأخرة، ولم يعد مستخدمًا بكثرة إلا في بعض الدول الإسلامية القليلة.
تعريف العُمْرِي
يُعرف العُمْرِي بأنه عقد يتم بين طرفين، يمنح بموجبه أحد الطرفين للطرف الآخر منفعة عقار أو حق انتفاع به طوال حياته، ومدة حياة الطرف الثاني، وقد يكون الطرفان فردين أو أكثر، كما قد يكون أحد الطرفين شخصًا اعتباريًا مثل الوقف.
أنواع العُمْرِي
ينقسم العُمْرِي إلى نوعين رئيسيين، هما:
1. العُمْرِي الصحيح
وهو العُمْرِي الذي يتم بين شخصين، فيمنح أحدهما للآخر منفعة عقار أو حق انتفاع به طوال حياته، ومدة حياة الطرف الثاني، ولا يجوز لأي من الطرفين فسخ هذا العقد بعد إبرامه إلا بالتراضي.
2. العُمْرِي الفاسد
وهو العُمْرِي الذي يتم بين أكثر من شخصين، فيمنح أحدهم للآخرين منفعة عقار أو حق انتفاع به طوال حياتهم، ومدة حياة الباقين من المستفيدين، ويجوز لأي من الطرفين فسخ هذا العقد بعد إبرامه متى شاء.
أركان العُمْرِي
يتكون عقد العُمْرِي من عدة أركان أساسية، وهي:
1. الصيغة
وهي الإيجاب والقبول بين الطرفين على إنشاء عقد العُمْرِي، ولا يشترط لصحة هذه الصيغة أن تكون لفظية، يجوز أن تكون كتابية أو بإشارات يفهمها الطرفان.
2. العاقدان
وهما الطرفان اللذان يتفقان على إنشاء عقد العُمْرِي، ويجب أن يكونا أهلين للتصرف، أي بالغين عاقلين، غير محجورين.
3. المعقود عليه
وهو منفعة العقار أو حق الانتفاع به، ويجب أن يكون هذا العقار مملوكًا للطرف المانح، وأن يكون صالحًا للاستفادة منه.
شروط العُمْرِي
يجب توافر عدة شروط لصحة عقد العُمْرِي، وهي:
1. أن يكون العقار مملوكًا للطرف المانح
يجب أن يكون العقار الذي تتم المنفعة به أو حق الانتفاع مملوكًا للطرف المانح ملكية تامة، ولا يجوز أن يكون مملوكًا للغير.
2. أن يكون العقار صالحًا للاستفادة منه
يجب أن يكون العقار الذي تتم المنفعة به أو حق الانتفاع صالحًا للاستفادة منه، وذلك بأن يكون خاليًا من العيوب التي تمنع من الاستفادة منه.
3. أن يكون العاقدان أهلين للتصرف
يجب أن يكون العاقدان أهلين للتصرف، أي بالغين عاقلين، غير محجورين.
آثار العُمْرِي
يترتب على إبرام عقد العُمْرِي عدة آثار، وهي:
1. انتقال المنفعة أو حق الانتفاع إلى المستفيد
ينتقل حق المنفعة أو حق الانتفاع بالعقار إلى المستفيد بمجرد إبرام عقد العُمْرِي، ويستمر هذا الحق طوال حياة المستفيد ومدة حياة الطرف الثاني.
2. عدم جواز فسخ العقد إلا بالتراضي
لا يجوز لأي من الطرفين فسخ عقد العُمْرِي بعد إبرامه إلا بالتراضي، إلا في حالة العُمْرِي الفاسد الذي يجوز لأي من الطرفين فسخه متى شاء.
3. انتقال الحق إلى الورثة
ينتقل حق المنفعة أو حق الانتفاع بالعقار إلى ورثة المستفيد بعد وفاته، ويستمر هذا الحق طوال مدة حياة الطرف الثاني.
انتهاء العُمْرِي
ينتهي عقد العُمْرِي في الحالات التالية:
1. وفاة المستفيد
ينتهي عقد العُمْرِي بوفاة المستفيد، وينتقل حق المنفعة أو حق الانتفاع بالعقار إلى ورثته.
2. وفاة الطرف الثاني
ينتهي عقد العُمْرِي بوفاة الطرف الثاني، وينتقل حق المنفعة أو حق الانتفاع بالعقار إلى ورثته.
3. فسخ العقد بالتراضي
يجوز للطرفين فسخ عقد العُمْرِي بالتراضي في أي وقت، وينتهي العقد بمجرد الاتفاق على فسخه.
4. فسخ العقد قضائيًا
يجوز فسخ عقد العُمْرِي قضائيًا في حالة وجود عيب في أحد أركان العقد أو شروطه.
إحياء العُمْرِي
يجوز إحياء عقد العُمْرِي المنتهي في الحالات التالية:
1. إحياء العُمْرِي الصحيح
يجوز إحياء العُمْرِي الصحيح المنتهي باتفاق الطرفين على ذلك، وينشأ عقد جديد بنفس شروط العقد المنتهي، ويستمر هذا العقد الجديد طوال حياة المستفيد ومدة حياة الطرف الثاني.
2. إحياء العُمْرِي الفاسد
لا يجوز إحياء العُمْرِي الفاسد المنتهي، وذلك لأنه عقد باطل من أصله.
أمثلة على العُمْرِي
يوجد العديد من الأمثلة على عقد العُمْرِي، ومنها:
1. العُمْرِي على الدور
وهو عقد يمنح بموجبه شخص آخر منفعة السكنى في دور طوال حياته، ومدة حياة الطرف الثاني، ولا يجوز لأي من الطرفين فسخ هذا العقد بعد إبرامه إلا بالتراضي.
2. العُمْرِي على الأرض
وهو عقد يمنح بموجبه شخص آخر حق انتفاع بأرض زراعية أو أرض فضاء طوال حياته، ومدة حياة الطرف الثاني، ولا يجوز لأي من الطرفين فسخ هذا العقد بعد إبرامه إلا بالتراضي.
3. العُمْرِي على الأشجار
وهو عقد يمنح بموجبه شخص آخر حق انتفاع بثمار الأشجار طوال حياته، ومدة حياة الطرف الثاني، ولا يجوز لأي من الطرفين فسخ هذا العقد بعد إبرامه إلا بالتراضي.
الخلاصة
يعد العُمْرِي عقدًا قديمًا كان منتشراً بين العرب في العصور السابقة، وقد كان لهذا العقد أهمية كبيرة في تلك العصور، وهو عقد يتم بين طرفين، يمنح بموجبه أحد الطرفين للطرف الآخر منفعة عقار أو حق انتفاع به طوال حياته، ومدة حياة الطرف الثاني، وقد تم ذكر هذا العقد في الكثير من كتب الفقه باختلاف المذاهب الإسلامية، ويجب توافر عدة شروط لصحة عقد العُمْرِي، ويترتب على إبرامه عدة آثار، كما ينتهي هذا العقد في عدة حالات، ويج